العلاقة بين الفوضى و التسويف، 4 استراتيجيات لكسر الحلقة المفرغة
هل سيطرت الفوضى على منزلك ومكان عملك وحياتك؟
هل تشعر بالإرهاق من فكرة تنظيف منزلك أو ترتيب أغراضك؟
هل لديك علاقة حب-كراهية مع أغراضك؟ ما زلت تشعر بالأثر السلبي لتكديس الأغراض ، لكنك تجد صعوبة في تركها.
التسويف هو السبب الأكثر ترجيحًا في بيئتك المزدحمة والمضطربة.
سأقدم لك أربع استراتيجيات فعالة للغاية استخدمتها شخصيًا وكان لها تأثير إيجابي على تنظيم حياتي و التغلب على الفوضى و التكديس.
في هذه المقالة ، سنستعرض العلاقة بين الفوضى والمماطلة ، والآثار الضارة للفوضى على صحتك العقلية والجسدية ، وسنستعرض كذلك رأي العلم في هذا الشأن.
أخيرًا ، سنعطيك 4 استراتيجيات مثبتة والتي إذا تم استخدامها بشكل صحيح ، قد تغير حياتك الفوضوية و تجعلك أكثر تنظيما.
لذا ، استمر في القراءة.
محتويات
معضلة الفوضى
أصبحت الفوضى و التكديس سائدة بشكل متزايد بل و صارت ظاهرة و سمة يتميز بها العالم اليوم.
و مع هيمنة الثقافة الاستهلاكية ، صرنا نكتسب أشياء أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، و قد صار التسوق والاكتناز القهري بعض المظاهر الجديدة لهذه الثقافة.
نحن لا نشتري أكثر من أي وقت مضى فحسب ، بل نقوم بتخزين الأشياء التي نجمعها في مساحة محدودة. أصبح الكثير من الناس متشبث بأغراضه بصورة مبالغ فيها ويواجه صعوبة في تركها.
من جهة أخرى، علينا تنظيف وتنظيم منازلنا بشكل يومي في وقت كثرت فيه أشغالنا و تعددت مهامنا، و هو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى المماطلة عندما يتعلق الأمر بطي الملابس أو تنظيف الأرضية، حيث تبدو هذه الأعمال شاقة و مملة للغاية.
الفوضى هي واحدة من قوانين الكون، أو ما يعرف بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية أو “الإنتروبيا”. فقد اكتشف العلماء أن لكل شيء في الكون ميل نحو الفوضى والاضطراب، ما لم تتدخل قوة معينة لعكس هذه العملية و ترتيب الأشياء.
الآثار السلبية للفوضى
من السهل جدًا أن نفهم لماذا قد يكون للفوضى تأثيرات ضارة على مزاجك ورفاهيتك بشكل عام.
هل لاحظت كيف يكون شعورك حين يكون منزلك نظيفًا ومرتبًا ويكون مكتبك منظمًا ؟ ستشعر بدون شك بالتركيز و الإرتياح.
في المقابل ، البيئة الفوضوية لها آثار سلبية على صحتنا العقلية والجسدية، فهي تزيد من التوتر والقلق وتؤثر على مزاجنا العام وإنتاجيتنا.
ترتبط الفوضى بزيادة في هرمون التوتر “الكورتيزول” ، خاصة بين النساء.
كما ترتبط الفوضى أيضًا ببعض السلوكيات القهرية ، مثل الإفراط في تناول الطعام غير الصحي.
بصرف النظر عن الآثار النفسية والفسيولوجية للفوضى ، ستعاني إنتاجيتك بالتأكيد في بيئة فوضوية. ستكون أقل قدرة على التركيز عندما تعيش في مكان فوضوي أو مكتب غير منظم أو حتى في سيارة غير مرتبة. أنت نتاج بيئتك حتى و إن لم تكن مدركا لذلك.
كيف ترتبط الفوضى بالتسويف؟
تبدو الإجابة على هذا السؤال بديهية.
يجب أن يكون تنظيم بيئتك مسعا مستمرًا. فإذا تركت منزلك أو مكتبك دون ترتيب لمدة وجيزة، ستلاحظ كيف تتراكم الأشياء بسرعة.
و من هنا يمكن فهم لماذا يعتبر التسويف سببًا رئيسيًا للفوضى. فأنت تفشل في وضع الأشياء على الفور في مكانها. تترك كومة من المجلات على الطاولة الجانبية ، أو مفك براغي على المنضدة بدلاً من صندوق الأدوات ، أو الملابس على الأرض ، أو الألعاب متناثرة على السجادة.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن ترتيب الأشياء هو عمل روتيني يجده العديد منا عملا مزعجًا وغالبًا ما يتجنبه. لهذا السبب يرتبط التسويف والفوضى ارتباطًا وثيقًا بل إن الفوضى هي أحد أكثر أشكال التسويف انتشارًا .
فعلى غرار الكثير من الأشخاص، قد تميل إلى المماطلة في طي ملابسك أو وضع الأطباق المتسخة في غسالة الأطباق ، على الرغم من أنك تعلم أنه يجب عليك فعل ذلك في الحين.
من جهة أخرى، فقد ترتبط كذلك الفوضى بالكمالية، والتي بدورها تعتبر من أسباب المماطلة.
يمكنك التعرف على المزيد حول العلاقة بين الكمالية والمماطلة هنا .
شرح الحلقة المفرغة بين التسويف والفوضى
إذا دخلت منزل صديقك وشاهدت الفوضى تعم المكان، فأنت ستخمن بكل تأكيد بأن هذا الصديق مماطل أو حتى كسول. فالإنسان لديه ميل لربط الفوضى و عدم الترتيب بالخمول و الكسل.
و حقيقة الأمر أن الفوضى والتسويف متشابكان بشدة ومرتبطان بحلقة مفرغة من الصعب كسرها.
هذه الحلقة تزيد من تفاقم التسويف و الذي يؤدي بدوره إلى تراكم الأغراض و تزايد الفوضى.
فالتسويف يجعلك تتجنب المهام الضرورية لترتيب منزلك ، وسيصبح منزلك أكثر فوضوية و ستتراكم أغراضك بصورة قد تجعلك تفقد السيطرة.
و كلما زادت الفوضى في منزلك ، قل احتمال تحفيزك واستعدادك لتنظيفه. يصبح الأمر مضنيا لدرجة أنك تتخلى عن المسعى بأكمله.
في المقابل ، ستؤثر الفوضى المتراكمة عليك نفسيا و جسديًا ، مما سيعوق إنتاجيتك ويزيد من مستويات التوتر والقلق لديك ويؤثر سلبيا على صحتك و مزاجك.
هذه التأثيرات العقلية لها آثار مباشرة على القدرة على ضبط النفس ، و هو ما سيزيد من تفاقم المماطلة لديك بسبب عبء هذه المشاعر السلبية المتراكمة مع الوقت.
بصرف النظر عن الجانب المرضي لما يُعرف باسم “اضطراب الاكتناز” ، فإن مهمة التخلص من الفوضى تصبح شاقة للغاية ولا تطاق بالنسبة لمعظم الأشخاص المماطلين لدرجة أن ينتهي بهم الأمر باللجوء إلى الخيار الأسهل ، وهو الاستسلام للفوضى.
ماذا يقول العلم عن العلاقة بين التسويف والفوضى
لقد أثبتت العديد من الدراسات وجود علاقة وثيقة بين التسويف والفوضى.
وجدت دراسة أجريت عام 2017 وجود علاقة قوية بين الظاهرتين، وأظهرت أن الإحباط الناتج عن الفوضى يتفاقم مع التقدم في العمر. علاوة على ذلك ، فقد ارتبطت الفوضى بعدم الرضا عن الذات بين كبار السن.
كما أظهر عدد متزايد من الأبحاث بأن الفوضى يمكن أن يكون لها تأثير ضار على الصحة العقلية ، وخاصة بين النساء، حيث أنها تؤدي إلى زيادة هرمون التوتر “الكورتيزول”.
كما بيّنت هذه الدراسات بأن النساء أكثر عرضة للضغوط النفسية مقارنة مع الرجال. يُعتَقد بأن ذلك راجع إلى كون النساء أكثر ميلاً للقلق بشأن الفوضى وتراكم الأعمال المنزلية.
وجد الباحثون في جامعة مينيسوتا أن الأشخاص الذين أمضوا وقتًا في غرفة تسودها الفوضى كانوا أكثر عرضة بمرتين لاختيار أكل قطعة شوكولاتة بدا من تفاحة، و هو دلالة على أن الفوضى قد تؤدي إلى سلوكيات غير صحية لدى الأفراد.
4 استراتيجيات فعالة للتغلب على التسويف و الفوضى المصاحبة لها:
سأزودك بـ 4 استراتيجيات استخدمتها شخصيًا وأفادتني كثيرًا ، حيث ساعدتني في التغلب على التسويف في تنظيم منزلي ومكان عملي بطريقة موثوقة ومستدامة.
1. التسوق بوعي و عناية
يعد التسوق القهري أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في الفوضى وتراكم الأشياء ، وعادة ما تكون الأغراض المُشتراة غير ضرورية.
إحدى الإستراتيجيات الفعالة التي اكتشفت أنها مفيدة لتجنب تراكم الأغراض و كذا تجنب الإسراف في المال هي الشراء بوعي.
في هذا الإطار، هناك شيء بسيط أفعله شخصيا قبل شراء أي شيء، خاصة عند التسوق عبر الإنترنت ، وهو أن أطرح على نفسي سؤالين:
- هل أحتاج هذا الغرض حقًا؟
- ليس لدي بديل عن هذا الغرض؟
قبل أن تشتري ، يجب أن تجيب بـ “نعم” على كلا السؤالين. إذا كانت إحداهما أو كلاهما هي “لا” ، فيجب إعادة النظر في عملية الشراء.
2. إقامة "روتين للتوضيب"
تعد إقامة روتين أو طقوس لإنجاز المهام من أفضل الاستراتيجيات وأكثرها فاعلية لبناء عادات جيدة والتغلب على المماطلة و الفوضى. هناك فائدة عظيمة من دمج بعض المهام في روتينك اليومي.
أولا، ابحث عن روتين يومي تقوم به كل يوم، و قم بدمج مهمة التنظيف فيه. قد يكون ذلك عند الاستيقاظ ، أو بعد العشاء مباشرة ، أو حتى عند العودة من العمل. المهم هو إيجاد روتين ثابت بالفعل وإدراج الأعمال المنزلية فيه.
إذا كنت تخطط للقيام بعملية تنظيف كبيرة أو إعادة ترتيب قد تستغرق وقتًا طويلاً ، فيمكنك اختيار تنفيذها خلال عطلة نهاية الأسبوع. لا يوجد لديك عذر .
بالنسبة لي ، تبدأ طقوس التنظيف الخاصة بي عندما أعود إلى المنزل من العمل. يبدو من غير المنطقي أن أفعل ذلك بعد يوم طويل ومرهق في العمل ، لكنني تعلمت أن أجعل الترتيب ورتينا (طقسًا) ، لذلك أنا لا أشعر بثقل المهمة.
ها هي طقوسي:
العودة من العمل إلى المنزل ← خلع ملابسي ووضعها في الخزانة و ارتداء ملابس أكثر راحة ← وضع الأطباق في غسالة الصحون ← تنظيف الطاولة ووضع كل شيء في مكانه المناسب ← طوي الملابس والشراشف ← غسل اليدين ← بعد كل ذلك يمكنني إحتساء القهوة الساخنة مع موزة 🤗
عادة ما تستغرق العملية أقل من 30 دقيقة. أحرص على القيام بها بصورة يومية لأتجنب تراكم الأشغال.
غالبًا ما نبالغ في تقدير الوقت الذي يتطلبه تنظيم وترتيب منازلنا. فالترتيب أو التخلص من الفوضى ليس نشاط نحس بالمتعة عند القيام به، لذلك يبدو و كأنه يدوم للأبد ، على عكس اللحظات الجيدة التي يبدو أنها تمر بسرعة البرق.
وبالتالي ، يجب أن تضع نظريتك بأن الترتيب هو عمل يستغرق وقتًا طويلاً تحت التجربة. و عليك استخدام مؤقِت لتكتشف بنفسك الوقت الذي تستغرقه لإنجاز العمل.
غالبًا ما ستفاجأ بما يمكنك تحقيقه في وقت قصير نسبيًا ، وستلاحظ أيضًا مدى تركيزك واسترخائك وشعورك بالرضا عن نفسك بعد إنجاز العمل.
يمكنك أيضًا استخدام تقنية بومودورو ، والتي تعد ، من واقع خبرتي ، واحدة من أكثر أدوات مكافحة التسويف فعالية. سيحدد لك مؤقِت بومودورو مدة زمنية معينة للقيام بالعمل المطلوب، تليها فترة راحة. و تساعد هذه الإستراتيجية كثيرا في زيادة إنتاجيتك بشكل كبير.
4. تخلص من الأغراض غير الضرورية.
التسويف هو أحد أسباب الفوضى في حياتنا. غير أن هناك عامل مسبِب آخر يكمن في ارتباطك و تمسكِك المفرط بأغراضك، حيث أنك لازلت تفكر بعقلية: “سأحتاج لهذا الغرض في وقت لاحق”.
قد تكون مرتبطًا عاطفياً بممتلكاتك و أغراضك، ولكن عليك إدراك الوقت اللازم للتخلص من عبء الفوضى التي تغزو حياتك. عليك أن تضع صحتك العقلية والجسدية فوق الأشياء التي تتمسك بها. تحتاج إلى التركيز على الفوائد بعيدة المدى للتخلص من الأغراض التي لا تحتاجها.
لذا حدد وقتًا وقم بفحص أغراضك الشخصية بعيون جديدة؛ إبحث عنها في خزانتك ، في المرآب أو في أي مكان يتم تخزينها فيه. ثم اسأل نفسك سؤالين بسيطين:
هل أحتاج هذا الغرض حقًا؟
متى كانت آخر مرة استخدمت فيها هذا الغرض؟
سيعطيك هذان السؤالان نظرة موضوعية عما تحتاجه حقًا وما يمكنك التخلي عنه.
إذا مرت سنوات على آخر مرة ارتديت فيها الحذاء الذي كان موضوعا تحت خزانة، فربما حان الوقت لبيعه أو إعطائه.
الخلاصة
أصبحت الفوضى سائدة بشكل متزايد في الوقت الحالي، حيث يكتسب الناس أشياء أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البشرية. بعض الناس أيضًا مرتبطون جدًا بممتلكاتهم بحيث يصبح من الصعب عليهم التخلي عنها.
أظهرت الأبحاث أن الفوضى يمكن أن تسبب مشاكل عقلية وجسدية ، خاصة بالنسبة للنساء.
لقد وجدت العديد من الدراسات كذلك صلة قوية بين التسويف والفوضى.
قد تكون بعض الحلول الفعالة لهذه الظاهرة هي التسوق بوعي و عناية، اعتماد روتين للتوضيب ، ضبط مؤقِت أو بومودورو للترتيب و أخيرا التخلص من الأغراض التي لا تحتاجها.
◉ إحصائيات عن الفوضى التي ستفجر عقلك
https://www.thesimplicityhabit.com/statistics-on-clutter-that-will-blow-your-mind/
معلومات عني
اسمي سامي داوود. مؤسس “بروآكتيفيتي لاب” – “Proactivity Lab” أو “مخبر الاستباقية” ، وهو موقع إلكتروني يوفر استراتيجيات وأساليب شاملة لفهم و التغلب على التسويف و المماطلة.
هذا الموقع هو نتاج أكثر من 20 عامًا من البحث واستكشاف الذات.
كنت شخصًا مماطلا في السابق، و استغرق الأمر مني سنوات من الدراسة و التجربة كانت رحلة طويلة وشاقة تمكنت خلالها من فهم الأسباب الكامنة وراء المماطلة و التسويف و تطوير استراتيجيات فعالة و مدعومة علميًا للتغلب على هذه العادة و تطوير القدرات الذاتية في ادارة الوقت و تنمية الإنتاجية الشخصية.